القصيم -عقلة الصقور- مركز إمباري
في ظلال الإسلام العظيمة، تتجلى مكارم الأخلاق في أبهى صورها حين تمتد يد العون إلى من كُسِرَتْ قلوبهم بغياب السند، إن اليُتم فجيعة تُلقي بظلالها على روح الطفل وحياته، وواجب الأمة أن تكون له خير عوض وخير حماية.
لقد ارتقى الإسلام بكفالة اليتيم إلى منزلة هي من أسمى القُربات؛ فليس الأمر إعانة مادية عابرة، بل هو بناء روح، وتضميد جرح، وعهدٌ بالرعاية الشاملة، وهي المنزلة التي وعد بها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كافلها بأن يكون رفيقه في جنات النعيم، "كهاتين".
في هذا المقال، نكشف الستار عن كنوز هذا العمل العظيم، سندقق النظر في أحكامه وشروطه الشرعية، ونوضح الفروقات الجوهرية بين الكفالة والرعاية المحمودة والتبني المنهي عنه، وإذ تستمد كل معلومة هنا قوتها من نبعي القرآن والسنة المطهرة، فإنها ترسم لك الطريق الواضح والمنير لتنال هذا الشرف العظيم، وتلتحق بركب مرافقي النبي الكريم.
لماذا أعطى الإسلام كفالة اليتيم في الإسلام كل هذه المكانة العظيمة؟ تتركز الأهمية في ثلاثة محاور رئيسية: الأجر الأخروي، الأثر النفسي والاجتماعي، والامتثال لأوامر الشريعة.
كفالة اليتيم في الإسلام تضمن للمسلم منزلة لم يُوعد بها إلا القليل:
صحبة النبي في الجنة: هذا هو أعظم فضل على الإطلاق، قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً"، هذه الإشارة تدل على قرب منزلة كافل اليتيم من منزلة النبي صلى الله عليه وسلم.
مغفرة الذنوب: تُعد كفالة اليتيم من الأعمال التي تُكفر السيئات وتمحو الذنوب، كل ذنب ارتكبته يمكن أن يُمحى بهذا العمل العظيم.
أفضل الصدقات: رعاية اليتيم تُعتبر من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله وأعظمها أجراً، خاصة إذا كانت صدقة جارية ومستمرة.
كفالة اليتيم في الإسلام تحقق لليتيم استقراراً لا يُعوض بعد فقدان سنده:
تطييب خاطر اليتيم: الإسلام يحث على المسح على رأس اليتيم، وإدخال السرور على قلبه، مما يعوضه جزءاً من الحنان المفقود.
حفظ كرامة اليتيم: الكفالة تضمن له حياة كريمة تحفظه من الحاجة والسؤال والذل، وتمنع استغلاله أو قسوة التعامل معه.
بناء شخصيته: توفير الرعاية والتعليم الجيد يُنشئ اليتيم فرداً صالحاً ومنتجاً في المجتمع، بدلاً من أن يكون عبئاً عليه.
جعلت الشريعة الإسلامية رعاية اليتيم مقياساً لصلاح المجتمع وتكافله:
تزكية المال: الصدقة على اليتيم تُطهر مال المسلم وتنميه، مصداقاً للحديث الشريف: "ما نقص مال من صدقة".
النجاة من الوعيد: ذم القرآن الكريم بشدة من يقسو على اليتيم أو يهمله، ووصفه بـ"مكذب بالدين" في سورة الماعون، بقوله تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ"، مما يدل على أن رعاية اليتيم ركن أساسي في الإيمان والتطبيق العملي للدين.
التكافل الاجتماعي: الكفالة تقوي أواصر المجتمع وتجسد مبدأ التراحم والتعاون بين أفراده، حيث يتولى القوي رعاية الضعيف.
فضل كفالة اليتيم في الإسلام من أعظم أبواب القربات، وقد ورد في فضلها ما لم يرد في الكثير من الأعمال الصالحة، مما يجعلها عملاً ذا أولوية كبرى للمسلم.
هذا هو الفضل الأعظم الذي يُتوج هذا العمل، حيث يضمن كافل اليتيم منزلة القرب من النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً".
هذا القرب يدل على أن كفالة اليتيم في الإسلام سبب رئيسي للوصول إلى أعلى درجات الجنة، تخيل أن تمشي بجوار النبي، تتحدث معه، تجلس معه في الجنة!
صدقة جارية دائمة: الكفالة المستمرة لليتيم تُعد من الصدقات الجارية التي لا ينقطع أجرها حتى بعد وفاة الكافل، طالما ظل اليتيم ينتفع بهذا الدعم.
زيادة البركة والمال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نقص مال من صدقة"، إنفاق المال على اليتيم لا يُنقص المال بل يبارك فيه ويُنميه، كم من تاجر أنفق على يتيم فبارك الله في تجارته!
تطهير للمال والنفس: كفالة اليتيم بالمال تزكي نفس الكافل وتطهر ماله، وهي من الأعمال التي تُكفر السيئات.
النجاة من الوعيد الإلهي: وصف القرآن الكريم الذي يدفع اليتيم ويقسو عليه بأنه من المكذبين بالدين، قال تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ" (سورة الماعون).
دخول الجنة: ورد في الحديث الشريف: "الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر"، واليتيم غالباً ما يكون مع الأرملة، مما يربط أجر كفالته بأجر الجهاد والعبادة المتواصلة.
تطييب خاطر اليتيم: مجرد المسح على رأس اليتيم وإدخال السرور على قلبه يُعد عملاً صالحاً عظيماً، وقد ورد في الحديث أن من مسح رأس يتيم فله بكل شعرة حسنة.
صلاح المجتمع: الكفالة تساهم في إخراج جيل سليم نفسياً ومؤهل علمياً، مما يحول الأيتام من طاقة محتملة للضياع إلى طاقة بناءة ونافعة للمجتمع.
اكفل يتيماً واحصد الأجر العظيم
القرآن الكريم ربط رعاية اليتيم بالإيمان، وجعل الإحسان إليه دليلاً على البر الحقيقي، والاعتداء عليه من الكبائر.
ذم من يدفع اليتيم ويقهره: قال تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" (سورة الماعون: 1-3).
هذه الآيات جاءت في سياق التحذير الشديد من قسوة القلب؛ فإيذاء اليتيم وترك المحتاج دون مساعدة علامة على ضعف الإيمان، لأن الدين سلوك ينعكس على الرحمة والعدل.
الإحسان إلى اليتيم من علامات البر الحقيقي: قال تعالى: "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ... وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ ..." (سورة البقرة: 177).
هذه الآية تؤكد أن البر ليس في المظاهر، بل في الإيمان الصادق، وفي القيام بحقوق الضعفاء، وعلى رأسهم اليتامى.
مرافقة النبي في الجنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وأشار بالسبابة والوسطى. (صحيح البخاري)
لين القلب ورقته: قال صلى الله عليه وسلم: "إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم".
حسنات لا تُعد ولا تُحصى: قال صلى الله عليه وسلم: "من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات". (رواه أحمد)
أجر المجاهد في سبيل الله: قال صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر". (صحيح البخاري ومسلم)
هذه أحاديث عن كفالة اليتيم تؤكد أن رعايته ليست نافلة، بل هي من أعظم أسباب الفوز بالجنة والقرب من النبي صلى الله عليه وسلم.
أنواع كفالة اليتيم تنقسم بشكل أساسي إلى قسمين رئيسيين: الكفالة التي تتضمن ضم اليتيم ورعايته المباشرة، والكفالة التي تكون بالنفقة والمال.
هذا النوع هو أكمل أنواع كفالة اليتيم وأعظمها أجراً، وهو الذي تنطبق عليه نصوص "صحبة النبي في الجنة":
الكفالة العائلية (الضم): أن يأخذ الكافل اليتيم ليعيش معه في بيته كفرد من العائلة، يتولى الكافل تربيته ورعايته وتقديم الحب والعاطفة له، دون أن يكون تبنياً (التبني المحرم شرعاً الذي يغير نسب الطفل).
الرعاية تكون شاملة ومباشرة، وتجمع بين النفقة والرعاية النفسية.
هذا هو الشكل الأكثر شيوعاً وعملية اليوم، ويتم عادة عبر الجمعيات الخيرية:
الكفالة الشاملة (الكاملة): التزام مالي شهري مستمر يهدف إلى تغطية جميع احتياجات اليتيم الأساسية (غذاء، سكن، تعليم، علاج). تضمن الاستقرار طويل الأمد لليتيم.
الكفالة الجزئية (المتخصصة): المساهمة لتغطية جانب محدد فقط من متطلبات اليتيم وأسرته:
كفالة التعليم: مخصصة لتغطية الرسوم المدرسية والأدوات التعليمية
كفالة الرعاية الصحية: مخصصة لتأمين نفقات العلاج والأدوية
الكفالة الموسمية: تبرعات تُقدم في أوقات محددة تكون فيها الحاجة أشد، مثل كسوة العيدين، أو سلال رمضان الغذائية.
الكفالة الوقفية: مساهمة في وقف خيري، حيث يتم إنفاق ريع (أرباح) هذا الوقف على الأيتام، مما يجعلها صدقة جارية دائمة للكافل.
كفالة اليتيم بالمال ليست الوحيدة، بل تشمل الدعم غير المادي الضروري لبناء شخصية اليتيم:
تطييب الخاطر: اللطف والرحمة والمسح على رأس اليتيم وإدخال السرور على قلبه.
التأهيل والتمكين: توفير الإرشاد النفسي، والتدريب المهني للشباب الأيتام لتأهيلهم لسوق العمل والاعتماد على الذات.
حكم كفالة اليتيم واضح ومحدد في الشريعة، ولها شروط وأحكام يجب معرفتها.
الإسلام والنية الصادقة: يجب أن يكون الكافل مسلماً، وأن تكون نيته خالصة لله تعالى، طالباً للأجر والثواب (صحبة النبي في الجنة).
القدرة المالية والاستمرارية: يجب أن يكون كافل اليتيم قادراً على الإنفاق على اليتيم بانتظام، فكفالة اليتيم في الإسلام التزام مالي طويل الأمد.
الأمانة والرشد: إذا كانت الكفالة تشمل ضم اليتيم ورعايته، فيجب أن يكون الكافل أميناً، سليم السلوك، وقادراً على التربية الصحيحة.
العدل وعدم التمييز: إذا كان الكافل يضم اليتيم إلى أبنائه، يجب عليه العدل التام في المعاملة بينه وبين أبنائه في النفقة، والهبة، والاهتمام.
هذه الأحكام منصوص عليها بصرامة في القرآن الكريم لحماية مال اليتيم:
حفظ المال وتنميته: على الكافل حفظ مال اليتيم إن كان لليتيم مال خاص به (من أبيه مثلاً)، ويُستحب استثماره بالطرق المشروعة والآمنة ليزيد.
حرمة أكل مال اليتيم بالباطل: يحرم أشد التحريم على الكافل أو الوصي أن يأكل من مال اليتيم أو يخلطه بماله بقصد الظلم والاستيلاء، قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا" (سورة النساء: 10).
رد المال عند البلوغ: يجب على الكافل أو الوصي تسليم مال اليتيم إليه كاملاً عند بلوغه سن الرشد وتبين قدرته على حسن التصرف في ماله.
الكفالة بالضم يجب أن تلتزم بالفروق الجوهرية عن التبني الباطل:
التبني محرم شرعاً: لا يجوز أن ينسب الكافل اليتيم إليه ويغير اسمه (نسبه)، أو يعامله معاملة الابن في الميراث والمحرمية، قال تعالى: "ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ" (سورة الأحزاب: 5).
المحرمية الشرعية: إذا كانت الكفالة بالضم، يجب مراعاة أحكام المحرمية بعد بلوغ اليتيم، يُنصح بإرضاع اليتيم (ذكراً أو أنثى) في فترة الرضاعة الشرعية (قبل سنتين) ليصبح ابناً بالرضاعة، وتنتشر المحرمية بينه وبين الكافلين وأبنائهم.
جمعية رفد تُيسر كفالة اليتيم في الإسلام بخطوات بسيطة:
قم بالدخول على موقع جمعية رفد ومن الصفحة الرئيسية اختر قسم "حالات التبرع"، وستجد جميع مشاريع كفالة الأيتام معروضة بشكل واضح.
اختر المشروع الذي تود أن يكون لك فيه أجرٌ دائم، من بين المشاريع التي تقدّمها جمعية رفد لرعاية الأيتام، مثل: كفالة يتيم، كفالة أسرة يتيم، دعم تعليمي، علاج يتيم، أو المساهمة في المشاريع الموسمية والخيرية المخصّصة لهم.
جمعية رفد توفر لك طرق دفع متعددة: البطاقات البنكية (مدى، فيزا، ماستركارد، Apple Pay)، أو التحويل البنكي عبر مصرف الراجحي، رقم الآيبان: SA0280000 291608010122917
.
يمكنك جعل كفالتك صدقة جارية عن نفسك، هدية لوالديك، أو عن أي شخص تحب من الأحياء أو الأموات. ويصل الثواب لمن تهديه ويستمر لك أيضاً كصدقة جارية.
بخطوات سهلة ساهم في كفالة يتيم مع جمعية رفد
وعد النبي صلى الله عليه وسلم كافل اليتيم بأعظم المنازل في الجنة، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً" (رواه البخاري).
هذا الحديث يدل على أن كافل اليتيم قريب المنزلة من النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهذا هو أعظم فضل يمكن أن يحظى به المسلم.
كفالة اليتيم في الإسلام هي أفضل أنواع الصدقة وأعظمها أجراً، كفالة اليتيم هي نوع من أنواع الصدقة، لكنها تجمع بين فضلين: فضل الصدقة، وفضل الرعاية الدائمة، وهي تحمل نفقة طفل كامل ورعايته على مدار شهور وسنوات، وهذا أثقل في الميزان وأعظم في الأجر من الصدقة غير المخصصة أو المنقطعة.
ينتهي اسم اليتم عند البلوغ، لكن أجر كفالة اليتيم في الإسلام لا ينتهي بالضرورة عند هذا الحد، بل يستمر طالما استمرت الحاجة.
الحد الشرعي لليتم: ينتهي اليتم شرعاً ببلوغ الطفل سن الرشد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يُتم بعد احتلام".
استمرار الأجر: يرى كثير من العلماء أن الكفالة تستمر ويستمر أجرها حتى يستغني اليتيم عن الكفالة تماماً ويصبح قادراً على الاعتماد على نفسه وتحصيل رزقه.
ليس بينك وبين مرافقة النبي إلا قرارك الآن… اكفل يتيماً واجعل ذلك أثمن عمل في ميزانك.
اقرأ أيضا: طرق التبرع للأيتام بشكل موثوق
